للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكارتكاب سفر أو غيره مما فيه غررٌ إذا أخبرَ عدلٌ أنه مأمون، وكاتخاذ الغذاء [إذا أخبر عدلٌ] (١) بأنه لا يضر سواء كان مأكولًا أو مشروبًا، ومحل هذا إذا كان المخبر عدلًا عارفًا، ولا يجوز الاعتماد على جاهلٍ في ذلك، وإن نشأ عَطَب ضَمِنَ كما أشار له في "المختصر" (٢) بقوله: "كطبيب جهل".

٥٤٧ - ومالكٌ بما سِوى ذاكَ نَخَعْ ... . . . . . . . . . . . .

يعني أن مالكًا رحمه اللَّه "نخع" أي نطق وقال بوجوب العمل بخبر الواحد في جميع الأمور الدينية، وكذلك قال أبو حنيفة والشافعي وأحمدُ وعامة الأصوليين والفقهاء والمحدثين.

وقد دَلّ على العمل به العقلُ والنقلُ، أما دلالة العقل فهي أنه لو لم يُعْمَل به لتعطل جُلُّ الأحكام لأن غالبها ثابت بالآحاد، والتالي باطل فالمتقدم مثله.

وأما دلالة النقل فإنه دل عليه الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، والمخالف فيه من المعتزلة محجوج بانعقاد الإجماع قبله.

أما دلالة القرآن عليه ففي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات/ ٦] يُفْهَم من دليل خطابه أن الجائي بنبأ لو كان غير فاسق لما لزم التبيُّن وذلك يفيد العمل بخبره. وقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} [التوبة/ ١٢٢] الآية، فإن هذه الطائفة النافرة المنذرة قومَها آحاد، والآية تدلُّ على قبول


(١) من ط.
(٢) (ص/ ٢٦٥).