للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واعلم أن فروع هذا الأصل منها ما اخْتُلِف فيه بناءً على الاختلاف في هذا الأصل، كاختلاف الزوجين في دفع النفقة فالغالب دفعها والأصل عدمه. ومنها ما اتفق على تغليب الأصل فيه على الغالب كدعاوي أهل الدِّين والورع على غيرهم، فالغالب صدقُهم والأصلُ براءةُ الذمة، وهو مقدَّم هنا على الغالب بلا خلاف. ومنها ما اتفق فيه على تقديم الغالب كشهادة البينة على عمارة الذمة فالأصل براءة الذمة والغالب صدق البينة، وقد اتفق على تقديم هذا الغالب على الأصل.

٨٢٨ - وما على ثبوتِهِ للسبَبِ ... شرعٌ يدلُّ مثلَ ذاك استَصْحِبِ

يعني أن استصحاب ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه نوعٌ من أنواع الاستدلال وهو حجة كما لو قال: كانت له في ذِمَّتي مئة وقضيته، فإن الشرع يثبت المئة في ذمته بالسبب الذي هو الإقرار، فيلزم استصحاب بقائها في الذمة حتى تقوم بينة على القضاء، وهكذا.

وقوله: "مثل ذاك" يعني استصْحِب ما دَلَّ الشرعُ على ثبوته مثل استصحاب ذاك العدم الأصلي المتقدم. وقول المؤلف: "استصحب" فعل أمر مفعوله "ما" مقدَّم عليه. وقوله: "على ثبوته" متعلِّق بـ "يدل". وقوله: "للسبب" متعلق بـ "ثبوته". أما استصحاب العموم والنصّ إلى أن يوجد مخصِّصٌ أو ناسخ فليسا من الاستصحاب لأن الحكم مستند إلى نفس الدليل. قال الرازي (١): وأن سماه أحد استصحابًا لم يناقش (٢).


(١) لم أجده في "المحصول". وقد قالها قبله الجويني في "البرهان": (٢/ ٧٣٦).
(٢) انظر "النشر": (٢/ ٢٥٤).