للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعصية منحصرة في فعل حرام أو ترك واجب.

٥٠٤ - وما تمحَّضَ لِقَصْد القُرْب ... عن قَيْدِ الإيجابِ فسِيْمى النَّدْب

يعني أنَّ تمحُّض الفعل لقصد التقرب به إلى اللَّه علامة لندبتيه إذا تجرَّد عن قيد الوجوب. فإن قيل: قصد القربة أمر باطن لا اطلاع عليه.

فالجواب: أنه يُعرف بدلالة القرينة على قصد القربة بذلك الفعل مجرَّدًا عن قيد الوجوب بأن ينتفي دليل الوجوب وقرينته، والمتمحِّض لقصد القربة يكون صلاة أو صومًا أو ذكرًا أو غير ذلك.

٥٠٥ - وكل ما الصفةُ فيه تُجْهَل ... فللوجوبِ في الأصحِّ يُجْعَلُ

يعني أن فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا كان مجهول الصفة أي مجهول الحكم بالنسبة إليه، فإنه يُحْمَل على الوجوب عليه وعلى الأمة لأنه أحوط إذ لا يتيقن الخروج من العهدة إلا به، ولأن اللَّه قال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر/ ٧] وفعله مما آتانا، ولأن اللَّه قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب/ ٢١]، ولأن الصحابة خلعوا نعالهم لما خلع النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نعله في الصلاة، فقد تابعوه طى فعله مع جهلهم حكمَه وقرَّرَهم على ذلك حيث أخبرهم أنه خلعها لأن جبريل أخبره أن في باطنها أذى (١).


(١) أخرجه أحمد: (١٧/ ٢٤٣ رقم ١١١٥٣)، وأبو داود رقم (٦٥٠)، والدارمي في "مسنده" رقم (١٤١٨)، وابن خزيمة رقم (١٠١٧)، وابن حبان "الإحسان" رقم (٢١٨٥)، والحاكم: (١/ ٢٦٠) وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.
والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم -على شرط مسلم-، ورجح أبو حاتم في "العلل" رقم (٣٣٠) اتصاله.