للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} بأن المراد بها نسخُ بعض ما كان مشروعًا أو زيادة ما لم يكن مشروعًا وكلاهما ليس من محلِّ النزاع، ولم يزل العلماء يستدلون على الأحكام بالقَصَص الماضية، كاستدلال المالكية وغيرهم على أن القرينة الجازمة ربما تكفي في البيِّنَة بجَعْل شاهدِ يوسفَ قرينةَ شقِّ القميصِ من دُبُرِ مقتضيةً صِدْق يوسفَ وكَذِبَ امرأةِ العزيز المنصوص في قوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} إلى قوله: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} [يوسف/ ٢٦ - ٢٨] الآية، ولذا صارت القرينة تكفي عن البينة في أمور كثيرة، كقول مالك: إن من اسْتُنكه فشُّمَّ من نكهته رائحة الخمر أنه يُجلد جلد الشارب (١). وكمسيس الزوجة التي تزوجها ولم يرها وزُفت إليه مع نساء لا تُثْبِت شهادتُهن عينَ الزوجة اعتمادًا على القرينة. وكالضيف يأتيه الصبي أَو الوليدة بالطعام فيُبَاح أكلُه من غير بينة اعتمادًا على القرينة. وكأخْذِ المالكية وغيرهم أيضًا أن القرينة تُبطلها قرينة أقوى منها من قصة يعقوب وأولاده، حيث جعلوا دم السَّخلة على قميص يوسف ليكون الدم قرينة لهم على صدقهم في أن يوسف أكله الذئب، فأبطلها يعقوبُ بقرينة أقوى منها وهي عدم شق القميص فقال: سبحان اللَّه! متى كان الذئب حليمًا كَيَّسًا يقتل يوسف ولا يشق قميصه؟! كما ذكره اللَّه عنهم في قوله: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف/ ١٨] الآية.


(١) انظر "تهذيب المدونة": (٤/ ٤٩٩).