للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مع وجود الفاضل لأنه تقصير في تحرِّي الصواب، وعلة مذهب الجمهور أشار لها المؤلف بقوله:

٩٦٧ - فكلُّ مَذْهب وسيلةَ إلى ... دارِ الحبُور والقصور جُعِلا

يعني أن كل "مذهب" من مذاهب المجتهدين "وسيلة" أي طريق يتوصل بها إلى الجنة التي هي "دار الحبور" وهو النعيم، "والقصور" العالية جمع قصر؛ لأن الكل على هدى من ربهم وإن تفاوتوا في العلم والورع.

قلت: ومما يدل على أن المجتهدين على هدًى وإن إختلفوا تقريرُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كلًّا من (١) الطائفتين المختلفتين في صلاة العصر في قصة بني قريظة، فقوم صلوها وقوم لم يصلوها إلى الشفق، فقرَّر النبي الجميعَ، وصوَّب ما فعله كلٌّ مع أنهم مختلفون (٢)، ومما يدل على ذلك أيضًا أن داود وسليمان من أنبياء سورة الأنعام الذين قال اللَّه لنبينا بعد ذكرهم: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه} [الأنعام/ ٩٠] وثبت في "صحيح البخاري" (٣) أن مجاهدًا سأل ابن عباس: من أين أخذتَ السجدة في ص فقال: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ} إلى {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِه} فسجدها داود فسجدها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فإذا عرفتَ ذلك فاعلم أن داود وسليمان اختلفا في حكم الغنم النافشة


(١) الأصل: كلام.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٩٤٦)، ومسلم رقم (١٧٧٠) من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.
(٣) رقم (٤٨٠٧).