للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالسنة بقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (١) [البقرة/ ١٤٩] الآية.

الرابع: يأتي في البيت الآتي.

واعلم أن الشافعي يمنع نسخَ الكتاب بالسنة كالعكس، فلا يجيز نسخ الكتاب إلا بكتاب ولا سنة إلا بسنة.

وما ذكرنا من نسخ السُّنَّة بالسنة إن كانتا متواترتين، أو كل منهما آحادًا، أو الناسخ متواتر والمنسوخ آحاد، فلا إشكال. أما نسخ السنة المتواترة بالآحاد فالظاهر عدم جوازه (٢)، وعلى القول بجوازه لم يقع


(١) انظر قصة تحويل القبلة في البخاري رقم (٤٠، ٣٩٩)، ومسلم رقم (٥٢٥) من حديث البراء بن عازب -رضي اللَّه عنه-.
(٢) هذا اختيار الشيخ أول الأمر ثم رجع عنه ورجّح جواز نسخ المتواتر بالآحاد بل وقوعه، وقد بيَّن ذلك في مواضع من كتبه كـ "الأضواء" في غير موضع، والمذكرة (ص/ ١٥٢ - ١٥٤) قال في "الأضواء": (٣/ ٣٣٤ - ٣٣٥): "وقد قدمنا. . أن الذي يظهر لنا أنه الصواب: هو أن أخبار الآحاد الصحيحة يجوز نسخ المتواتر بها إذا ثبت تأخرها عنه، وأنه لا معارضة بينهما؛ لأن المتواتر حق، والسنة الواردة بعده إنما بينت شيئًا جديدًا لم يكن موجودًا قبل، فلا معارضة بينهما ألبتة لاختلاف زمنهما فقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} يدل بدلالة المطابقة دلالة صريحة على إباحة لحوم الحمر الأهلية؛ لصراحة الحصر بالنفي والإثبات في الآية في ذلك. فإذا صرح النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك يوم خيبر في حديث صحيح "بأن لحوم الحمر الأهلية غير مباحة" فلا معارضة ألبتة بين ذلك الحديث الصحيح وبين تلك الآية النازلة قبله بسنين؛ لأن الحديث دل على تحريم جديد، والآية ما نفت تجدد شيء في المستقبل كما هو واضح. =