للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُجاب عن الجواب بأن الأحاديث التي نصَّت على تعذيب أشخاص بأعيانهم من أهل الفترة إذا قلنا بتخصيصها عمومَ الآيات فإنها تُبطل علة حكم الآيات؛ لأنَّ اللَّه تمدَّحَ بكمال إنصافه وعدله وأنه لا يعذِّب أحدًا حتى ينذره ويعذر إليه، فلو عذَّب واحدًا من أهل الفترة قبل الإنذار والإعذار لاختلَّت حكمة العدل التي تَمَدَّحَ بها، وإذا كان مُخَصِّصُ النص يقتضي بطلان علته فذلك هو المعروف عند الأصوليين بالنقض، وهو من القوادح في الدليل كما يأتي للمؤلف.

وذهب الأكثرون إلى أن تخصيص العلة كتخصيص النصّ، وعليه فالنقض الذي هو وجود العلة مع فقد الحكم ليس بقادح، وعلى هذا يمكن تخصيص الآيات بالأحاديث المعروفة من غير قدح في دلالة الآيات على ما لم يخرجه المخصِّصُ، ولكنَّ التحقيق: أنَّ العلة إن كان منعُ تأثيرها في الحكم بسبب فَقْد شرط أو وجود مانع فهو تخصيص لا قدح، فكون الأبوَّة من موانع القصاص مثلًا لا يقدح في عِلِّيَّة القتل العمد العدوان للقصاص، لأن العلةَ إنما مَنَع من تأثيرها وجودُ المانع وهو الأبوة، وإن كانت لم تؤثر من غير فَقْد شرط ولا وجود مانع فهو القادح المعروف بالنقض، وفي المسألة أقوال أخر لم نذكرها معروفة في كتب الأصول، وسيأتي للمؤلف بسطها في القوادح (١). ورجَّح الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الحشر (٢) أن تخصيص العلة كتخصيص


(١) في الأبيات (٧٦٢ - وما بعدها).
(٢) لم أجد في تفسير ابن كثير ما أشار إليه المؤلف.