للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني، كما قاله العبَّادي في "الآيات البينات" (١) وأنه اختلف في تعذيبهم بترك الأصول يعني التوحيد. ومَبْنى هذا الخلاف هل يجب التوحيد بمجرد العقل، أو لابُدَّ من انضمام النقل؟ وتعذيبُ أهل الفترة بترك التوحيد اعتمده النوويُّ في "شرح مسلم" (٢) لإخبار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الذين مضوا في الجاهلية في النار. وحكى القرافي في "شرح التنقيح" (٣) الإجماعَ على تعذيب موتى الجاهلية في النار وعلى كفرهم، ولولا التكليف لما عُذِّبوا.

وذهب الأشاعرةُ من أهل الأصول والكلام إلى أنهم لا يعذبون (٤) وأجابوا عن جماعةٍ منهم صحَّ تعذيبهم بأجوبة، منها: أنه يحتمل أن يكون لأمرٍ مختصٍّ به يقتضي ذلك عَلِمَه اللَّه فأعْلَمَ به رسولَه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نظير ما جاء في القرآن من كفر الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام مع صباه. ومنها: أن ذلك خاص بمن بَدَّل وغيَّر بما لا يُعذر به كعبادة الأوثان. ومنها: أن الأحاديث التي صحَّت بذلك أخبار آحاد، والآياتُ التي تنفي ذلك قواطع فهي مُقَدَّمة.

ويجاب عن هذا بأن الأحاديث أخصُّ ولا تَعارض بين عام وخاص.


(١) (١/ ١٠٣).
(٢) (٣/ ٧٩).
(٣) (ص/٢٩٧) في باب فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٤) بعده في ط: "لدلالة القرآن على ذلك" وليست في "خ".