للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه، فلا يصح اشتقاق "الضارب" لمن لم يقع منه ضرب أصلًا، ولا اشتقاق "الأسود" لمن لم يقم به سواد، خلافًا للمعتزلة القائلين بجواز ذلك مع عدم اتصاف الذات بالمصدر، حيث زعموا أنه تعالى قادر بذاته لا بقدرة قامت بذاته، عالم بذاته لا بعلم قام بذاته، وهكذا في كل صفات المعاني، فرارًا منهم من تعدد القديم. ومذهبهم ظاهر البطلان إذ لا يعقل كونه قادرًا من غير قدرة، عالمًا من غير علم. وأشار المؤلف إلى هذا بقوله: "وأعوز المعْتزليُّ الحق" وأعوزه الشيءُ احتاجَ إليه، يعني أن المعتزلة خالفوا منهج الصواب المحتاج إلى اتباعه (١).

واحترز المؤلف بالوصف في قوله: "وعند فقد الوصفِ" من العين فإنها يُشتق منها مع عدم قيامها بالذات لاستحالة قيامها بها كاشتقاق "التامر" و"اللَّابن" من التمر واللبن، مع أنهما لم يقوما بذات صاحبهما كما في قول الشاعر:

وغَرَرْتَني وزعمتَ أنّـ ... ـكَ لابنٌ في الحي تامِر (٢)

وكاشتقاق المكي والمدني من مكة والمدينة حرسهما اللَّه ونحو ذلك.

١٨١ - وحيثُما ذو الاسم قَامَ قد وجَبْ ... . . . . . . . . . . . . .

يعني أن كل معنى وَضَعت له [العرب] اسمًا إذا قام بالذات وجب اشتقاق الوصف للذات منه، فكل ذات قام بها علم، أو قدرة، أو سواد،


(١) كذا في "النشر": (١/ ١١٠)، و"مراقي السعود": (ص/ ١٢٢ - ١٢٣)، و"فتح الودود": (ص/ ٤١).
(٢) البيت للحُطَيئة "ديوانه": (ص/ ٨٦) وفيه: لابن في الصيف.