للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلت: يظهر لي الترجيح بالقطع بوجودها في الفرع أو ظن ذلك ظنًّا أغلب على نحو ما ذكر في الأصل وهو ظاهر. واعلم أن امتناع تعارض القطعيات إنما هو في نفس الأمر لا بحسب ما يظهر للمجتهد.

٩٠٦ - وقوةِ المسلكِ ولْتقدِّما ... ما أصلُها تتركه مُعَمَّما

ذكر في هذا البيت مرجِّحَيْن من مرجحات القياس:

الأول: قوة المسلك، يعني أن يرجح أحد القياسَيْن على الآخر بكون مسلك علته أقوى من مسلك علة الآخر، وقد تقدم في مسالك العلة ترتيبها في القوة، وقد قدمنا هناك (١) أن فائدته التقديم عند التعارض.

الثاني: عموم العلة لجميع الأفراد، فإنه من المرجِّحات لها فتقدم العلة التي لم تُخَصِّص أصلَها على العلة المخصِّصة له المشار إليها بقوله: "وقد تُخصِّصُ وقد تعمِّم. . " (٢) إلخ. وإنما رُجِّحَت عليها لأنها أكثر منها فائدة، ولأن المخصصة لأصلها اختلف في التعليل بها فكانت أضعف بسبب الاختلاف فيها.

ومثاله: تعليل الشافعية لتحريم الربا في البر بالطعم، مع تعليل الحنفية والحنابلة له بالكيل؛ فإن تعليله بالكيل يؤدي إلى تخصيص العلة لأصلها، لأن مثل الحَفْنة لا يُكال فلا يكون ربويًّا فيُخَصَّص منع الربا في البر بما زاد على الحفنة مثلًا، بخلاف تعليل الشافعية (٣) فلا تُخصِّصُ فيه


(١) (ص/ ٤٨٧ وما بعدها).
(٢) البيت رقم (٦٧٧).
(٣) الأصل: الشافعي.