للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يوجب له القطع. وحجة القائل به: إجماعُ الكل على قبوله لأن تأويله يستلزم القبول ولولا ذلك لم يحتج إلى تأويله، واستلزام العمل بظاهره للقبول واضح فصاروا مجمعين على قبوله.

ومحلُّ هذا القول الضعيف ما لم يعلق التأويل على تقدير الصحة، كما لو قال: ولو فرضنا أنه صحيح فمعناه كذا، ومثاله: حديث أبي رافع عند البخاري: "الجارُ أحق بِصَقَبهِ" (١)، فإنَّ أكثر العلماء أوَّل الجار على أن المراد به الشريك المقاسم، لَحديث جابر المتفق عليه: "فإذا ضُرِبَت الحدودُ وصرفت الطرق فلا شُفعة" (٢)، وبعضٌ حمَلَه على ظاهره فأوجبَ الشُّفعة للجار.

٥٣٧ - ومذهبُ الجمهور صِدق مخبرِ ... مع صَمْت جمعٍ لم يَخَفْهُ حاضرِ

يعني أن مذهب الجمهور -واختاره ابن الحاجب (٣) - أن من أخبر عن أمر محسوس بحضرة جَمْع يحصل بعددهم التواتر، وذلك الأمر مما لا يخفى عليهم عادة، ولم يكونوا خائفين من ذلك المُخْبِر، وسكتوا ولم يكذِّبوه وهم سامعون لما يقول = فإن ذلك يفيد القطع بصدقه، لاستحالة تواطئهم على السكوت على الكذب عادة، وقيل: يفيد ذلك الظن فقط لإمكان أن يسكتوا لا لشيء. وقوله: "حاضر" نعت لقوله: "جمع" وفاعل "يخف" ضمير عائد إلى الجمع، والضمير المنصوب به عائد إلى "المخبِر".


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) "المختصر - مع الشرح": (١/ ٦٦٢).