للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كتاب القرآن ومَباحث الألفاظ

القرآن لغةً مصدر "قرأ" زيدت فيه الألف والنون كما زيدت في الغفران والرجحان، وهذا المصدر بمعنى اسم المفعول، فمعنى القرآن المقروء أي: المتلوّ أو المُظْهَر المُبْرَز، ومن الأخير: "ما قرأت الناقة سَلًا" أي: ما أبرزتْ وأظهرتْ جنينًا من بطنها، ومنه قول ابن كلثوم (١):

ذراعَي عيطل أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنينا

وعلى القول بأن القرآن مشتق من قرأ بمعنى جمع؛ لأن العرب تقول: "قرأت الماء في الحوض" أي جمعته فيه = فهو مصدر بمعنى اسم الفاعل، فالقرآن بمعنى قارئ أي جامع ثمرات علوم الكتب السماوية التي أنزلت قبله مع زيادته عليها.

واعلم أن التحقيق أن أصله مهموز، فما ذهب إليه الشافعيُّ وغيره من أنَّه غير مَهموز، وأن النون أصلية، وأنه مشتق من القرينة أو الاقتران، لأن آياته بعضها قرائن على صدق بعض أو بعضها مقترن ببعض = فهو خلاف التحقيق، والشافعيُّ -رحمه اللَّه- يقرأ بحرف ابن كثير وهو يقرأ القرآن في جميع المواضع بلا همز، والتحقيق أنَّه من تخفيف الهمزة بنقل حركتها إلى الساكن قبلها، نحوُ قوله: "سَلْهُم" لا أنَّه غير مهموز أصلًا، فوزن القرآن على التحقيق "فُعْلان" وعلى قول الشافعي فوزنه:


(١) في معلقته انظر "شرح ابن الأنباري" (ص/ ٣٧٩).