للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأن هؤلاء العاجزين عن الغزو وُجِد منهم العزم عليه على تقدير شرط الإمكان فحصل لهم بذلك ثواب الغازي. وقال الشاعر (١):

يا ظاعنين إلى البيت العتيق لقد ... سِرتم جسومًا وسرنا نحن أرواحا

إنَّا أقمنا على عَجْز وعن قَدَرٍ ... ومن أقامَ على عجزٍ فقد راحا

وقال الآمدي (٢): لا يصح التكليف بما عَلِم المأمور أنَّه لا يتمكن من فعله. فقول المؤلف: "بالذي امتنع" يتعلق بقوله: "تكليف"، وقوله: "في علم من أمَر" يتعلق بقوله: "امتنع". و"أَمَر" الأخير بالبناء للفاعل، وتقرير المعنى عليه: يجوز ويقع التكليف بالذي امتنع في علم الآمر، وأما إذا علم المأمورُ بعدم التمكن أو جَهِل الأمر فلا خلاف في جواز التكليف، فيجوز للسيد أن يكلف عبده بخياطة ثوبٍ مثلًا في يوم الخميس، ولو فرض أن العبد عالم بأنه يموت قبل يوم الخميس بإخبار نبيٍّ مثلًا.

* * *


(١) البيتان بنحوهم الابن العريف الصنهاجي (ت ٥٣٦ هـ)، ذكرهما له ابن خلكان في "الوفيات": (١/ ١٦٩)، ونصهما:
يا واصلين إلى المختار من مضرٍ ... زرتم جسومًا وزرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذرٍ وعن قدر ... ومن أقام على عذرٍ كمن راحا
وهما أيضًا في ديوان محمد بن حمير الهمداني (ت ٦٥١ هـ).
(٢) لم أجده بنصه، وهو بمعناه في "الإحكام": (١/ ١١٦). وقال في "النشر": (١/ ٧١) بعد ما رجّح جواز التكليف في المسألة: "وهو التحقيق، وهو الذي نصره السبكي وإن حكى الآمدي وغيره الاتفاق فيها على عدم صحة التكليف".