يعني أنه إذا كان الإطلاق والتقييد في أمر ونهي بأن كان الأمر والنهي أحدهما مطلق والثاني مُقيد، فإن المطلق منهما يُقيد بضدِّ القيد الذي قُيِّد به المقيّد لما بين الأمر والنهي من المضادة والمنافاة.
مثال تقييد النهي وإطلاق الأمر:"لا تُعْتِقْ رقبةً كافرةً أعتق رقبةً" فإن الرقبة المطلقة المأمور بعتقها تقيد بضدِّ القيد الذي قيدت به الرقبة المنهي عن عتقها وهو الكفر فضدّه الإيمان، فتقيد به الرقبة المطلقة المأمور بعتقها فيكون المعنى:"أعْتِق رقبة مؤمنة".
ومثال إطلاق النهي وتقييد الأمر ما لو قلت:"لا تُعْتِقْ رقبة أعتق رقبة مؤمنة" فإن الرقبة المُطْلقة المنهي عن عتقها تُقيد بضد القيد الذي قُيدت به الرقبة المأمور بها، وقَيْدها هو الإيمان وضده الكفر، فتقيد الرقبة المطلقة المنهي عنه عتقها بالكفر، فيكون المعنى لا تُعتِق رقبةً كافرة.
٤٤٠ - وحيثُما اتَّحَد واحدٌ فلا ... يحمِلُهُ عليه جُلُّ العُقلا
اعلم أولًا أن أحوال المطلق والمقيد أربعة:
الأول: أن يَتَّحدا في الحكم والسبب معًا، وقد تقدم هذا قريبًا للمؤلف.
الثاني: أن يختلفا في الحكم والسبب معًا، وهذا لا حَمْل فيه لأحدهما على الآخر إجماعًا، ولذا لم يتعرض له المؤلف.
الثالث والرابع هما: إذا ما اتحد الحكم واختلف السبب أو اتحد السبب واختلف الحكم، وهما مراد المؤلف بهذا البيت.
وظاهرُ كلامه أن أكثر العقلاء لا يحمل أحدهما على الآخر وأنهما