للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلف المالكية في المالكي الذي لم يجد نصًّا في مذهبه في المسألة ووجدها منصوصة للشافعيّ وأبي حنيفة معًا أيهما يقدَّم؟ فقيل: الشافعي لأنه تلميذ مالك، وقيل: أبو حنيفة لأنه أقل خلافًا مع مالك (١).

٩٥٣ - ولم يُضَمَّن ذو اجْتهادٍ ضَيَّعا ... إن يكُ لا لِقاطعٍ قد رَجَعا

يعني أن المجتهد إذا أتلف شيئًا بفتواه أوْ حكمه ثم رجع عن ذلك، لا ضمان عليه لأنه بذل وُسْعه الواجب عليه، إلَّا إذا كان رجوعه لدليل قاطع في المسألة من نصَّ قرآن، أو سنة متواترة، أو إجماع فإنه يضمن، لأن حكمه أو فتواه بخلاف القاطع دليل على تقصيره في النظر. ذكر هذه المسألة الحطاب (٢) عند قول خليل: "مبينًا لِمَا به الفتوى" (٣).


(١) انظر "النشر": (٢/ ٣٢٨).
(٢) في "مواهب الجليل": (١/ ٣٣) ونصه: (فرع: من أفتي رجلًا فأتلف بفتواه مالًا، فإن كان مجتهدًا فلا شيء عليه، وإلا فقال المازري: يضمن ما تلف ويجب على الحاكم التغليظ عليه، وإن أدبه فأهل إلا أن يكون تقدم له اشتغال بالعلم فيسقط عنه الأدب ويُنهى عن الفتوى إذا لم يكن أهلًا. ونقل البرزلي عن ابن رشد في أوائل النكاح أنه لا ضمان عليه لأنه غرور بالقول إلا أن يتولى فعل ما أفتى به فيضمن. وذكر في أوائل كتابه عن الشعبي أنه يضمن قال: وهذا عندي في المفتي الذي يجب تقليده المنتصب لذلك وأما غيره فكالغرور بالقول ويجري على أحكامه. فتحصَّل أن المفتي المنتصب لذلك يضمن، ولعل ابن رشد لا يخالف فيه؛ لأن هذا يُحْكَم بفتواه فهو كالشاهد يرجع عن الشهادة، وأما غير المنتصب ففيه قولان لابن رشد والمازري واللَّه أعلم) اهـ.
(٣) (ص/ ٩).