للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فصل التقليد في الفُروع

لما فرغ المؤلف من الكلام على الاجتهاد أتبعه بالكلام على التقليد لأنه مقابله، والتقليد لغةً: جَعْل القلادة في العنق، فكأنَّ المجتهد جعل الفتوى في عنق السَّائل، أو أن السَّائل جعل الأمرَ في عنقِ المسؤول، وهذا الأخير معروف في كلام العرب، ومنه قول لقيط الأيادي (١):

وقلِّدوا أمرَكم للَّه درُّكم ... رحبَ الذراع بأمرِ الحربِ مطَّلِعا

٩٥٦ - هو التزام مذهب الغير بلا ... علمِ دليله الذي تأصَّلا

يعني أن التقليد في عُرف الأصوليين هو التزام الأخذ بمذهب الغير من غير معرفة دليله الخاصِّ، وهو مراده بـ "الذي تأصَّلا" أي صار أصلًا ومستندًا سواء عمل بمذهب ذلك الغير الذي التزم مذهبه أو لم يعمل به لفسقه أو غير ذلك، وسواء كان المذهب قولًا أو فعلًا. أما الأخذ بالنصوص وشهادة البينة فليس شيء من ذلك تقليدًا.

٩٥٧ - يلزمُ غيرَ ذي اجتهادٍ مطلقِ ... وإن مقيَّدًا إذا لم يُطِقِ

يعني أن التقليد يلزم من ليس مجتهدًا مطلقًا وإن كان مجتهدَ مذهبٍ


(١) البيت من قصيدته المشهورة التي مطلعها:
يا دارَ عَمْرَةَ من مُحتَلِّها الجَرَعا ... هاجَت ليَ الهَمَّ والأَحزانَ والوَجَعا
والبيت في "الكامل": (٢/ ٦٨٢)، و"الشعر والشعراء": (١/ ٢٠١).