للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من غير تعرُّض لنفي غيره.

فإذا عرفتَ ذلك فاعلم أن اللَّه تعالى قال في سورة الأنعام -وهي مكية-: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} [الأنعام/ ١٤٥] الآية، وهذا الحصر يدل على عدم تحريم ذي الناب من السباع وذي المِخْلب من الطير، فالزيادة المحرم لهما تُناقض هذا الحصر القرآنيَّ. وقال تعالى في سورة النحل -وهي مكية أيضًا-: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [النحل/ ١١٥] و {إِنَّمَا} أداة حصر أيضًا عند جمهور الأصوليين والبيانيين وهو الحق، والنحلُ نزلت بعد الأنعام بدليل قوله في النحل: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ} [النحل/ ١١٨] وقد قصَّ عليه في سورة الأنعام بقوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام/ ١٤٦] الآية، ثم قال في سورة البقرة -وهي مدنية بالإجماع-: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} [البقرة/ ١٧٣] الآية، فلم يقبل مالك رفع هذا الحصر المتكرر في مكة والمدينة بأخبار الآحاد وإن كانت صحيحة، ولذا لم يقل بحُرمة ذي الناب من السباع بل قال بكراهته؛ جمعًا بين الأدلة قائلًا: إن الروايات المصرحة بالتحريم فَهِم أصحابُها التحريم من النهي فصرَّحوا بالتحريم ظنًّا منهم أنه معنى النَّهي، مع أن مالكًا يقبل الزيادة على النص ولا يقول بأنها نسخ إلَّا إذا نافت كما عرفت.

٤٨٤ - والنقصُ للجزءِ أو الشرطِ انْتُقي ... نسخُه للسَّاقِط لا لِلَّذْ بقي

يعني أن نقص الجزء أو الشرط "انتقي" أي اختير كونه نسخًا للساقط دون الباقي، وقيل: إنه نسخ للكل، والأول أصح. مثالُ نسخ الجزء: ما