لكنه خالف نصًّ أو إجماعًا. وينفرد فساد الوضع فقط فيما إذا كان الدليل على غير الهيئة الصالحة، مع أنه لم يخالف نصًّا ولا إجماعًا.
وقوله:"مما يُنتقَى" أي يُختار، والضمير في "كونه" عائد إلى العموم والخصوص المفهوم من قوله: "وذاك من هذا أخصُّ" أي كون العموم والخصوص بينهما "ذا الوجه" أي صاحبه. يعني العموم والخصوص من وجه مما يختار.
٨٠١ - وجمعُهُ بالمنع لا يضيرُ ... كان له التقديمُ والتَّأخيرُ
يعني أن المعترض بفساد الاعتبار له أن يجمع معه منعَ مقدمة فأكثر من الدليل، كأن يقول المالكيُّ مثلًا: قولك إن المقوَّمات لا تنضبط ممنوع، بل هيَ تنضبط بالأوصاف الكاشفة المستوعبة لما تختلف فيه الأغراض، مع أن ذلك الذي قلت مخالف أيضًا لما ثبت في "صحيح مسلم" كما تقدم، فالجمع بين المنع وفساد الاعتبار إبطال للدليل بالنقل والعقل معًا.
وقوله:"كان له التقديم والتأخير" يعني أنه سواء في ذلك قدَّم الاعتراض بالمنع على الاعتراض بفساد الاعتبار أو عَكَس الأمر. والتحقيقُ أن الذي ينبغي تقديمُ الاعتراض بالمنع لأن فيه الترقِّي من الأدْنَى إلى الأعلى، وهو من محَسِّنات الكلام للفائدة في ذكر الأقوى بعد الأضعف؛ لأن الأضعف قد يكون غير كاف أو غير تامِّ الكفاية، أما لو قدَّم الأقوى؛ فذِكْرُ الأضعف بعده قليل الجدوى، وإلى هذا الذي ذكرنا أشار المؤلف في "الشرح"(١).