قلنا: أجاب بعضهم عن هذا بأن "كيْ" المصدرية تلزمها لام التعليل ظاهرة أَو مقدرة فهي مؤكدة للام التعليل، فلم تخرج عن كونها للتعليل با لأصالة أو بالتوكيد، وفي الحقيقة مدخول "كي" الذي هو الفعل باعتبار ما تضمنته من المصدرية منتفيًا أو مثبتًا هو العلة.
قلت: الظاهر عندي ما قاله زكريا الأنصاري (١) من أن محل كونها للتعليل إذا لم تكن مصدرية، وعليه فعدها من الصريح فيه ما فيه.
يعني أن النصَّ غير الصريح وهو النصُّ الظاهر يلي النصَّ الصريح، فقوله:"فما ظهر" يعني فيلي النصَّ الصريح ما ظهر، أي النصُّ الظاهر، ثم ذكر صِيَغَه بقوله:"لامٌ""فما" الموصولة مبتدأ "وظهر" صلتها، و"لام" خبر المبتدأ، يعني أن النصَّ الظاهر أي غير الصريح أقوى مراتبه "اللّامُ" كقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[إبراهيم/ ١]. واللّام المقدرة كالمذكورة نحوُ: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤)} [القلم] أي لأن كان، ويطَّرِد جواز حدفِ لام التعليل قبل أنْ وأنّ المصدريتين كما أشار له في "الخلاصة" بقوله:
نقلًا وفي أنَّ وأنْ يطَّرِدُ ... معْ أمْنِ لبسٍ كعجبتُ أن يَدُوا
ثم يلي "اللّامَ" في الظهور "الباءُ" كقوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا