هذا هو القسم الثاني من أقسام المخصص وهو المنفصل، وعرَّفه المؤلِّف بأنه المستقلّ بنفسه عن العام، أي لا يحتاج إلى ذكره مقترنًا بالعام، وهو قسمان: لفظيّ وغير لفظيّ. وبدأ المؤلف بغير اللَّفظي لقلته، وهو التخصيص بالحس والعقل.
وقوله:"للحس والعقل نماه الفضلا" أي نسب الفضلاءُ المخصِّصَ المنفصل إلى الحسّ فقالوا:
مُخصِّصٌ منفصل واقع بالحسِّ، ويمثلون له بقوله تعالى:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف/ ٢٥]، فقوله:{كُلَّ شَيْءٍ} يعم الأرض والجبال والسماء، والحسُّ بالعين يشاهدها غير مُدَمَّرة، فدلَّ على خصوص التدمير بغيرها. وبعضهم قال: إن هذا التخصيص باللفظ في قوله: {بِأَمْرِ رَبِّهَا} وهذا لم يأمرها ربُّها بتدميره. وله مخصِّص آخر لفظي، وهو تخصيص التدمير بما أتت عليه دون غيره المشار إليه بقوله: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)} [الذاريات/ ٤٢].
ومخصِّص منفصل واقع بالعقل كقوله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر/ ٦٢] الآية دلَّ العقل على عدم دخول اللَّه جل وعلا فى هذا العموم، مع أن لفظ "الشيء" يطلق عليه كما في قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص/ ٨٨]، وقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ