للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خالص من الاجتهاد فلا تجب إعادة سؤاله لعدم احتمال تغيُّر ما عنده، وبهذا تعرف أن قولنا في شرح البيت قبله: "أي وكذا لو سأل مقلِّدًا" نعني به المقلد الذي هو مجتهد مقيَّد المشار إليه بقوله: "وإن مقيدًا إذا لم يُطِق".

وقوله: "وخَيِّرن. . " إلخ، يعني أن العالم إذا استفتاه العامِّيُّ وكان في المسألة أقوال مستوية، فإنه يخيِّرُ العامّيَّ في العمل بأي تلك الأقوال شاء، هذا إذا لم يكن فيها تفاوت، وإذا كان فيها تفاوت من جهة فسيأتي في البيت الذي بعد هذا. وقوله: "ذا النقل" مفعول "أهمِل" وهو أمرٌ من الإهمال والترك. و"صرفًا" حال، والظاهر أنه حال من "النقل" لا من "ذا" كما ظنه المؤلف (١)؛ لأن المضاف هنا كجزء من المضاف إليه، أي أَهْمِلْ صاحبَ النقل فلا تسْأله ثانيًا، أي مرة أخرى.

٩٦٥ - وزائدًا في العلم بعضٌ قَدَّما ... وقَدَّمَ الأوْرَعَ كلُّ القُدَما

يعني أنه إذا وقع التفاوت في العلم مع الاستواء في الدين والورع، فإنَّ بعض العلماء يوجب الأخذ بقول الأعلمِ؛ ولذا قُدِّم في إمامة الصلاة زائد الفقه، قاله الرازي (٢)، لأنه ينبغي أن يُقدَّم في كل موطن من مواطن الشرع من هو أقوم بمصالح ذلك الموطن. وقال بعض العلماء: يخير بين الأخذ بقول الأعلم وقول العالم؛ لأن كلَّ مذهب طريقٌ إلى الجنة، فعلى القول الأول يُقدَّم ابن رشد على اللخمي لأنه أعلم منه، وعلى الثاني يُخَيَّر


(١) كما قال في "الشرح": (٢/ ٣٣٤).
(٢) في "المحصول": (٢/ ٥٣٣).