للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خفاء معه، ويدل على ذلك الإجماع على تعليل العدميّ بالعدميّ، فلو كان العدمي غير ظاهر لما جاز التعليل به أصلًا.

وقول المؤلف: "كنسبيٍّ" يعني بالنسبي الصفة الإضافية، ومعنى الصفة الإضافية: هي الصفة التي لا تُعْقَل حقيقتها إلا بإضافة أمر لآخر ينافيه منافاة تامة بحيث يستحيل اجتماع الوصفين في شيء واحد في وقت واحد، كما أنه يستحيل إدراك أحدهما إلا بإضافة الآخر إليه: كالأبوة والبنوة، والقَبْلِ والبَعْدِ، والفَوق والتَّحْت، ونحو ذلك، فالذات الواحدة مثلًا يستحيل أن تكون أبًا لشخص وابنًا لذلك الشخص بعينه، كما يستحيل اجتماع البياض والسواد، مع أن الأبوة والبنوة لم يُدْرَك معنى أحدهما إلا بإضافة الأخرى إليها وقس على ذلك.

والكاف في قول المؤلف: "كنسبيٍّ" أداة تشبيه له بالعدميّ، فظاهر المؤلف أن الصفات الإضافية عدمية، وكونها عدمية هو مذهب المتكلمين، أما الفقهاء والمناطقة (١) فهي وجودية عندهم، وقال بعض [المحققين] (٢): أما باعتبار الوجود الذهنيّ فهي وجودية، وباعتبار الوجود الخارجي فهي عدمية. إذا عرفتَ الخلافَ فيها فاعلم أنها على القول بوجودها يجوز التعليل بها مطلقًا، وعلى القول بعدمها يجوز تعليل العدم بها بلا خلاف، كتعليل عدم القصاص بالأبوة. وفي تعليل الوجودي بها على هذا القول الخلاف في تعليل الوجودي بالعدمي المذكور في البيت.


(١) في "النشر": (٢/ ١٣٠) عزاه للفقهاء والفلاسفة.
(٢) من ط، ويفهم من "النشر" أن المقصود به القرافي.