للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مراد المؤلف بالبيت الأول هو ما قدمنا من الفرق بين المرض والسفر فلا يمنعان صِدْقَ الوجوب، وبين الحيض فإنه يمنع صِدْقَ الوجوب على ما قاله ابن رشد. ومراده بالبيت الثاني هو ما قدمنا من أنَّه على القول بالوجوب ينوي في البدل القضاء، وعلى ضده ينوي فيه الأداء، والضمير في قوله: "وهو" راجعٌ إلى الخلاف بمعنى ثمرته.

١٠٦ - ولا يكلِّفُ بغير الفعلِ ... باعثُ الأنْبِيَا ورَبُّ الفَضْلِ

يعني أن اللَّه تعالى لا يكلِّف إلَّا بفعل؛ لأن غير الفعل غير مقدور للمكلف، واللَّه تعالى يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة/ ٢٨٦]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن/ ١٦]. وأما التكليف بإذعان النفس وانقيادها وتصديقها بالعقائد، والتكليف بالندم على الذنب فهو -في الحقيقة- تكليف بالأسباب المؤدية إلى ذلك لا بمجرد الانفعال من إذعان في الأول وندم في الثاني. والفعل في كلام المؤلف يشمل أربعة أشياء وهي: الفعل، والقول، والعزم المُصَمِّم لأنه فعل القلب، والترك.

أما الفعل الظاهر كالسرقة والزنا مثلًا فلا إشكال في تسميته فعلًا.

وأما القول فقد سماه اللَّه فعلًا لأنه فعل اللسان وذلك في قوله: {. . . زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام/ ١١٢] الآية.

وأما القصد المُصَمِّم فالدليل على كونه فعلًا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قالو: يا رسول اللَّه قد عرفنا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل