للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: يُحْمَل على الندب، إذ فِعْله -صلى اللَّه عليه وسلم- دل على أرجحية الفعل على الترك ولم يدل على الوجوب، لأن الإثم بتركه يحتاج إلى دليل منفصل. وقالوا: إن قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ} وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية أن ذلك فيما عُلِم حُكمه بالنسبة إليه لا فيما لم يُعلم حكمه كهذه المسألة، إذ لو كان فعله المجهول الحكم في نفس الأمر مندوبًا في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفعلناه على سبيل الوجوب معللين بأنه الأحوط = لم نكن متبعين له في نفس الأمر.

وأجابوا عن كونه أحوط بأن الاحتياط لا يُشرع إلا إذا تقدم وجوب، أو ثبوت الوجوب هو الأصل. مثال الأول: صلاة الخمس إن جُهِل عين المنسية، ومثال الثاني: صوم الثلاثين من رمضان إذا لم يُرَ الهلال لغيم أو نحوه.

أما إذا لم يتقدم وجوب ولم يكن ثبوته الأصل، فلا يلزم الاحتياط، كصوم يوم الشك في هلال رمضان، وهذه المسألة لم يتقدم فيها وجوب، ولم يكن الثبوت فيها هو الأصل عند أهل هذا القول.

وأجابوا عن خلعهم نعالهم بأن موجبه ليس مجرد المتابعة في الفعل المجهول الحكم بل موجبه المتابعة في هيئات الصلاة وذلك بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلوا كما رأيتموني أصَلِّي" (١).

وقيل: يُحمل على الجواز، وقيل بالوقف، وسيأتي للمؤلف.

وذكر غيرُ واحد -كالمؤلف- أن أصح هذه الأقوال الحمل على


(١) أخرجه البخاري رقم (٦٣١)، وأصله في مسلم رقم (٦٧٤) من حديث مالك بن الحويرث -رضي اللَّه عنه-.