للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحة على إضمار فيها دونه، والفرق بينه مع دلالة الإيماء هو أدقها، وتقريبه للذهن أن تعلم أولًا أن المفهوم مقصود للمتكلم إلا أنه مقصود من النطق لا في محلِّ النطق كما تقدم، فقوله تعالى مثلًا: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا} [الطلاق/ ٦] يقصد منه أيضًا أنهن إن كن غير أولات حمل لا يجب الإنفاق عليهن، إلا أن هذا المقصود لم يتناوله اللفظ، فهو مقصود باللفظ ولم يتناوله اللفظ، وإنما فُهِم من تخصيصه الإنفاق بالحوامل أن المسكوت عنهن وهن غيرُ الحوامل لسْنَ كذلك، إذ لو كُنّ كذلك لما كان في تخصيص الحوامل بالذكر فائدة.

ودلالة الإيماء مقصودة في محل النطق، فقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)} [المائدة/ ٣٨] يُقصد من منطوقه أن القطع من أجل السرقة، فإذا عرفت هذا فالفرق بين المفهوم مع دلالة الإيماء كونها مفهومة في محّلٍّ تناوله اللفظ نُطقًا (١) دونه. فتحصَّل أن دلالةَ الإشارة لم تُقصد بالأصل ولكن دخلت بالتبع، وأن دلالة الاقتضاء مقصودة ولكن توقف الصدق أو الصحة على المضمر المقصود المدلول عليه بالاقتضاء، وأن دلالة الإيماء والتنبيه مقصودة في محلٍّ تناوله اللفظ نطقًا، وأن المفهوم مقصود في محل تناوله اللفظ غير نطق.

١٤٣ - وغيرُ منطوقٍ هو المفهومُ ... منهُ الموافقة قلْ معلومٌ

يعني أن غير المنطوق هو المفهوم، فهو ما دل عليه اللفظ لا في


(١) الأصل: قطعًا.