للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"ذاك" إشارة إلى التعدد يعني أن تعدد الحكم لعلة واحدة أطلق جوازَهُ الكثيرُ منهم بل الأكثر، ومثَّل له المؤلف في الوجوديّ بقوله: "كالقطع مع غُرْم نصاب السَّرقه" فالسرقة علة واحدة ثبت بها حكمان، هما: قطع اليد، وغُرم المسروق. ومثاله في الحكم العَدَميِّ: الحيض، فإنه علة واحدة يثبت بها عدم وجوب الصوم والصلاة.

٦٧٧ - وقد تخَصِّصُ وقد تُعَمَّمُ ... لأصلِها لكنَّها لا تخْرِمُ

اللَّام في قوله: "لأصلها" زائدة داخلة على المفعول المتنازع فيه الفعلان قبله، يعني أن العلة يجوز أن تخصِّصَ أصلَها الذي استُنْبطت منه وتُعمِّمه على الظاهر من مذهب مالك.

مثال تخصيصها لأصلها: تخصيص عموم {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء/ ٤٣] بما توجد فيه اللذة عادة، ولذا لم ينقض عند مالك مَسُّ المَحْرَمِ؛ لأن علة نقض الوضوء من اللَّمْس الالتذاذُ، وهو لا يكون من المحارم غالبًا فخصَّصَت العلة أصلَها الذي اسْتُنبطت منه.

ومثال تعميمها لأصلها قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث أبي بَكْرَةَ: "لا يقضينَّ حَكَم بين اثنين وهو غضبان" (١) فالعلة هنا هي ما اشتمل عليه الغضب من تشويش الفكر، فيلزم منع القضاء بكل مشوِّش كالحقن والحقب، والحزن والسرور المُفْرِطَيْن، فعمَّمتِ العلةُ أصلها، وأشار إلى هذا في


(١) أخرجه البخاري رقم (٧١٥٨)، ومسلم رقم (١٧١٧) من حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه-.