إلا أنه ضعيف، ومعنى "انحظل" امتنع. ثم شَرَع المؤلف في بيان فوائد ذِكْر الضعيف فقال:
٨٥٦ - بل للترَقِّي لمدارج السَّنا ... ويَحْفَظَ المُدرَكَ من له اعتنا
يعني أن من فوائد ذكر الأقوال الضعيفة: الترقِّي لمدارج السَّنا -بفتح السين- أي القرب من رتبة الاجتهاد حيث يُعْلَم أن هذا القول قد صار إليه مجتهد، ولذا قال بالأقوال التي رجع عنها مالكٌ كثيرٌ من أصحابه ومن بعدهم.
ومن فوائده أيضًا: أن يحفظ المُدْرك -أي الدليل- من له اعتناء بحفظه وهو المتبصر، والتبصُّر أخْذ القول بدليله الخاص به من غير استبداد بالنظر ولا إهمال للقائل به، وهذه رتبة مشايخ المذاهب وأجاويد طلبة العلم، والترقي في اللغة: الصعود، والمدارج: جمع مَدرج، وهو ما يدرج أي يصعد عليه، و"السَّنا" بالقصر: النور، وقوله:"ويحفظَ" بالنصب عطفًا على الاسم الخالص (١) الذي هو "الترَقِّي" على القاعدة المشار إليها بقوله في "الخلاصة":
وإن على اسمٍ خالصٍ فعلٌ عُطِفْ ... تنصِبه إنْ ثابتًا أو منحذف
٨٥٧ - ولمراعاة الخلافِ المُشتَهِرْ ... أو الْمُراعاة لكل ما سُطِرْ
يعني أن من فوائد ذكر الأقوال الضعيفة أيضًا: أنها تُذْكَر لتراعَى مراعاة الخلاف التي هي أصل من أصول مالك، فيُذْكَر القول الضعيف
(١) أي الخالص من شائبة الفعلية، وهو هنا (الترقي) وهو مصدر.