للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للذريعة لئلا يتجرَّأ الناسُ على التقوُّل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أيضًا حجة على قبول عمر خبر الآحاد مع أنه ثبت في الصحيح رجوعه لخبر عبد الرحمن ابن عوف وحْدَه في أَخْذ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الجزيةَ من مجوس هجر (١)، وأن عائشة رضي اللَّه عنها لم تقل برد خبر ابن عمر وإنما ظنَّت أنه غالط في خصوص هذا الحديث لظنها أن الآية تكذِّبه وهي قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ويدل لذلك ما ثبت في "صحيح مسلم" (٢) من رواية القاسم بن محمد أن عائشة رضي اللَّه عنها قالت في حديث ابن عمر المذكور: "إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكنَّ السمعَ يخطئ". وهو صريح فيما ذكرنا. وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما لم يقبل خبرَ ذي اليدين لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يظن أنه صَلّى أربعًا وأنَّ ذا اليدين هو الغالط كما دل عليه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ ذلكَ لم يكن" أي في ظني.

. . . . . . . . . . ... وما ينافي نَقْلَ طَيْبَة مَنَعْ

٥٤٨ - إذَّ ذاك قطْعِيٌّ وإن رأيًا ففِي ... تقديم ذَا أو ذَاكَ خُلْفٌ قد قُفي

يعني أن خبر الواحد إذا تعارض مع ما نقله جميع مجتهدي المدينة من الصحابة والتابعين فقط فإن مالكًا يمنع العمل بخبر الواحد فيقدِّم عليه نقل أهل المدينة؛ لأن نَقْل أهل المدينة قطعيٌّ لتواتره والمخالف له آحاد، وهذا من قبيل تقديم المتواتر على الآحاد.

وقوله: "وما ينافي نقلَ طيبة" يعني أن الذي يقدمه مالك على خبر


(١) تقدم قريبًا.
(٢) رقم (٩٢٩).