فأَمْرُه بالعتق بعد ذِكر الوِقاع دليل على أن الوقاع علة العتق وإلا خلا السؤال عن الجواب وذلك بعيد. وهذا مراده بقوله:"كما إذا سمع وصفًا فحكم".
الثاني: ذكره -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحكم وصفًا لم يصرِّح بأنه علة، لكن لو لم يكن ذلك الوصف علة لذلك الحكم لم يكن لذكره فائدة، مثاله: حديث: "لا يقضينَّ حَكَم بين اثنين وهو غضبان"(١)، فإنَّ الغضبَ المشوِّش للفكر المذكور في الحكم لو لم يكن علة المنع من القضاء لَمَا كان لذكره فائدة، وهذا هو مراده بقوله:"وذكره في الحكم. . " البيت.
الثالث: منع الشارع المكلَّفَ من فعل يحصل به تفويت فعل آخر مطلوب منه كقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة/ ٩]. فإنه يُفهم منه أن منع البيع وقتَ نداءِ الجمعة إنما هو أن البيع يفوِّت حضور الجمعة، فلو لم يكن لمظنة تفويتها لكان المنع بعيدًا، وهذا مراد المؤلف بقوله:"ومنعه مما يفيت".
أي استفد كون ترتيب الشارع الحكمَ على الوصف إيماءً نحو {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة/ ٩] فترتيبه الحكم بالقتل على وصف الشرك لو لم يكن لأنه علته لكان بعيدًا.