للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القطعيّ. وقوله: "على السنّي" أي على المذهب الراجح.

هذا مراد المؤلف، وحُجَّتُه أن حد الإجماع يقتضي هذا لأن قوله في الحد: "وهو الاتفاق من مجتهدي" يدلُّ على أنه لابد من الاجتهاد والفَحْص عن شيء هو مستند الإجماع، والجمهورُ على جواز كون مستند الإجماع ظنيًّا ولو قياسًا، فإنكار الظاهرية إمكان كون القياس مستند الإجماع غير صحيح. ومن الإجماع الذي مستندُه قياسٌ: الإجماعُ على تحريم شحم الخنزير قياسًا على لحمه، وإجماع الصحابة على إمامة أبي بكر قياسًا على إمامته في الصلاة.

ومفهومُ قوله: "على السَّنيّ" أن من العلماء من قال: يصحُّ الإجماع من غير مستند بأن يُلْهَموا الاتفاق على الصواب.

قلتُ: ما ذكر المؤلف في هذا البيت -تَبَعًا لغيره- من أن الإجماع يُرَدُّ إذا لم يستند إلى دليلٍ قطعيٍّ أو ظنيٍّ ظاهر عندي، لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صرَّح بأن أمته لا تجتمع على ضلالة فكيف يسوغ لأحدٍ ردُّ إجماعها زاعمًا أنه ليس له مستند قطعي أو ظني؟ وأيُّ مستند أقوى من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (١)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" (٢) الحديث، فالحجَّة القاطعة في إجماعهم لا في مستندهم، والأَوْلى ما ذكره بعض الأصوليين من أن صورة الخلاف هي: هل يمكن


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري رقم (٣٦٤٠)، ومسلم رقم (١٩٢١) من حديث المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه-.