للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرتبة عن المطلق لأن المطلق إمامُه وقدوتُه. والمجتهد المُقَيَّد قسمان: مجتهد المذهب، ومجتهد الفتيا، وهو المعروف بمجتهد الترجيح، وعرَّف المؤلف المجتهد المقيد من حيث هو بقوله:

٩٣٠ - ملتزمٌ أصولَ ذاك المطلقِ ... فليسَ يعدوها على المُحَقَّقِ

يعني أن المجتهد المقيد هو الملتزم لأصول مذهب معيَّن، فنَظَرُه في نصوصِ إمامِه كنظر المطلق في نصوص الشرع، فالمقيَّد لا يتعدَّى نصوصَ إمامِه إلى غيرها على المشهور، وعاب بعضُ المالكية على اللخْمِيِّ (١) تخريجه على أصول غير إمامه مالك حتى قال فيه ابن غازي:

لقد مزَّقت قلبي سهامُ جفونها ... كما مزَّقَ اللَخْمِيُّ مذهب مالك

وبدأ المؤلف بتعريف مجتهد المذهب لأنه أعلى رتبة من مجتهد الفتيا بقوله:

٩٣١ - مجتهدُ المذهبِ مَنْ أصولُهُ ... منصوصةً أوْ لا حوى معقولُهُ

٩٣٢ - وشرطُه التخريجُ للأحكامِ ... على نصوصِ ذلك الإمامِ

يعني أن مجتهد المذهب هو من حوى عقله -أي حفظه وضبطه- أصولَ إمامه منصوصةً كانت أو مستنبطة، وشرطه المحقق له أن يكون له قُدرة على تخريج الأحكام على نصوص إمامه الملتزم لمذهبه، بأن يقيس


(١) اللخمي هو: أبو الحسن على بن محمد الربعي المالكي (ت: ٤٧٨ هـ)، له تعليق على "المدونة" يسمى "التبصرة"، ذكر القاضي عياض ما أُخِذ عليه، إلا أنه صار أحد الأئمة المعتمدة ترجيحاتهم في "مختصر خليل". انظر "المدارك": (٨/ ١٠٩)، و"الفكر السامي": (٢/ ٢٥٠ - ٢٥١).