ومثالُه به مُعْتَرض من جهتين؛ الأولى: ما قدمنا في مسلك الشبه من استلزامه المناسب بالذات فهو مناسب بالتبع. الثاني: أن الحكم ينتفي بانتفائه، وذلك يُخْرجه عن الطرد لأن الحكم فيه لا ينتفي بانتفاء الوصف، ونفي المناسبة في الطرد يخرج بقية المسالك حتى الدوران الوجودي والعدمي. إذا عرفتَ حدَّ المسلك التامن الذي هو الطرد فاعلم أن المؤلف ذكر حكمَه بقوله:
٧٥١ - وردَّه النقلُ عن الصحابَه ... ومن رأى بالأصلِ قد أجابَه
يعني أن النقل عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ردَّ التعليل بالوصف المستدلّ على عليته بالطرد، لأن المنقولَ عنهم هو العمل بالمناسب فقط دون غيره، كما تقدمت أمثلته في الكلام على المصالح المرسلة (١). ورُدَّ أيضًا بأن ما لا يشتمل على مصلحة ولا درء مفسدة يجب ألَّا يُعتبر، وعدم الاحتجاج بالطَّرْد هو مذهب أكثر الأصوليين، واحتجَّ به بعضُهم، وأشار لذلك المؤَلف بقوله:"ومن رأى. . " إلخ، ومفعول "رأى" محذوف، أي ومن رأى جواز الاحتجاج على العلية بمسلك الطرد قد أجاب المانع لذلك بالأصل أي بأن الأصل في هذه المقارنة كون الوصف المقارن علة نفيًا للتعبد.
والحاصل: أن من قال من العلماء بعدم حجية الدوران قال بعدم حجية الطرد من باب أولى، والقائلون بحجية الدوران اختلفوا في حجية