للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . والتأثيرَ دَعْ ... بوَفْقِ واحد للأصلِ يُتَّبعْ

٤٨٩ - وكون راويه الصحابي يقْتَفي ... ومِثْلُه تأخُّرٌ في المُصْحَف

قوله: "التأثيرَ" مفعول مقدم لقوله: "دع" يعني اترك التأثير في معرفة المتأخر بموافقة واحد من النصين للأصل الذي هو البراءة الأصلية، فالموافق من النصين لبراءة الذمة الأصلية لا يدل ذلك على كونه متأخرًا حتى ينسخ الآخر، خلافًا لمن زعم ذلك نظرًا إلى أن الأصل مخالفة الشرع لها وهو مردود بجواز ورود الموافق لها أولًا، إذ لا مانع من ذلك، ودع التأثير أيضًا بكون الصحابي الراوي لأحد الحديثين يقتفي راوٍ آخر في الإسلام.

وإيضاحُه: أن راوِيَيْ الحديثين المختلفين إذا كان أحدهما متأخر الإسلام كأبي هريرة الذي أسلم عام خيبر، مع أحد السابقين كعمَّار فلا يقتضي تأخُّر إسلامه تأخُّر حديثه، لجواز أن تكون رواية الأسْبَق إسلامًا بعد رواية الأحْدَث إسلامًا، خلافًا لمن زعم ذلك نظرًا لأن تأخر الإسلام من مظنة تأخر الرواية.

وقوله: "ومثله تأخر في المصحف" يعني أنه يترك التَّأْثير أيضًا بتأخر الآية في المصحف لجواز أن تكون المتأخرة في المصحف سابقة في النزول، ألا ترى أن أول ما نزل صدر سورة اقرأ وهو في آخر المصحف، ولذا جاز أن تكون الأولى في المصحف ناسخةً للأخيرة فيه لتأخرها في النزول وإن تقدمت في ترتيب المصحف. وكآية {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب/ ٥٠]، فإنها ناسخة لقوله: {لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} [الأحزاب/ ٥٢] على أصح القولين مع أنها قبلها في المصحف، والعلم عند اللَّه تعالى.