للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "على ما يُعتمد" يشيرُ إلى خلافٍ في المسألة.

فإن قيل: لِمَ جاز البيان بالقاصر سندًا أو دلالة وامتنع النسخ بذلك؟

فالجواب: أن النسخ رفعٌ للحكم من أصله، والأقوى لا يرفعه ما هو أضعف منه، والبيانُ إرشادٌ للمقصود بالنص لا رفعٌ له فظهر الفرق (١).

٤٥٧ - وأوجِبَنَّ عندَ بعضٍ عِلْمًا ... إذا وجوبُ ذي الخفاءِ عمَّا

يعني أن بعض الأصوليين أوجبوا كون الدليل الحاصل به البيان يفيد العلم، أي اليقين، إذا كان المبيَّن -باسم المفعول- يجب على كلِّ أحد، أما إذا كان لا يجب على كلِّ أحد فلا يُشترط فيه عند أهل هذا القول حصول اليقين في البيان. وهذا القول للعراقيين محتجِّين بأن عموم وجوبه تتوفر به الدواعي إلى نقله تواترًا، وما كان كذلك لا يُقبل آحادًا، وعلى هذا القول لا يصح بيان القطعيات كالصلاة والزكاة بأخبار الآحاد بل بالمتواتر فقط، والتحقيق الأول.

٤٥٨ - والقولُ والفعلُ إذا توافَقا ... فانمِ البيانَ للذي قد سَبَقا

يعني أن إذا ورد نصٌّ يحتاج إلى بيان، ثم ورد بعده قول وفعل كلاهما صالح للبيان وليس في أحدهما زيادة على الآخر، فإن الأول منهما هو المبيِّن، فقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} الآية يحتمل أن قَطْع اليد من الكوع ويحتمل المرفق والمنكب؛ لأن اليد تطلق على الجميع، فإذا قال


(١) في الهامش تعليق نصه: "يرد على ما فرق به هنا ما ذكره -رحمه اللَّه- في كتابه "مذكرة أصول الفقه" (ص/ ٨٦ - ٨٧) من وقوع نسخ المتواتر بالآحاد".