للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غيرهم، والجهل اقتضى تخصيص المتكلم ما يعلمه دون ما يجهله، والسؤال اقتضى تخصيص المسؤول عنه لمطابقة الجواب له، وقس على ذلك.

فإذا عرفتَ ذلك فمعنى البيت: أن مقتضى التخصيص وإن مَنَع اعتبارَ مفهوم المخالفة فإنه لا يمنع المسكوت عنه على المنطوق إذا كان بينهما جامع، أي علة يصح بها القياس، فقوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر/ ١٢] مثلًا لما كان الطرِيّ أنسب للامتنان، واقتضى ذلك تخصيصه بالذكر، فلا يمنع من قياس القدِيد على الطري لعدم الفارق المؤثِّر بينهما. وهذا المثال مبنيٌّ على القول بأن الإلحاق بنَفْي الفارق قياس، ويسمى: القياس في معنى الأصل.

وقوله -مثلًا-: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران/ ٢٨] الآية كونها نزلت في واقعةٍ اقتضى تخصيصها بتلك الواقعة، فمنع اعتبار مفهوم المخالفة، ولكن لا يمنع قياس المسكوت عنه وهو موالاة الكفار والمؤمنين معًا على المنطوق وهو موالاة الكافرين من دون المؤمنين؛ لأن العلة في مَنْع الموالاة الكفر وهي موجودة في الفرع كوجودها في الأصل، وقس على ذلك.

وقول المؤلف: "وما عُرِض" بالبناء للمفعول، ومراده به لفظ المنطوق، فعبَّر عن اللفظ بما عُرِض؛ لأنه معروض أي موصوف بالعوارض العارضة له، كالتقييد بصفة أو نحوها، ومعناه: أن لفظ المنطوق لا يشمل المسكوت عنه حتى يستغني بشموله له عن القياس، وهذا هو الحق. والقولُ بأنه يشمله بعيد، إذ لا يخفى أن الغنم السائمة لا تشمل