للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفاعل، ومعناه صاحب الأصول.

فإن قيل: ذكرتم أن البيانيين يقولون: إن الوصفَ كاسم الفاعل أو اسم المفعول ذاتٌ متصفة بالمصدر من غير اعتبار زمان أو حدوث، وأن السُّبْكيَّيْنِ على قول البيانيِّيْن، كيف يجتمع ذلك مع أنهما يقولان: إن اسم الفاعل -مثلًا- لا يكون حقيقة إلا في حالة التلبس بالمصدر الذي منه الاشتقاق أو بآخر جزءٍ منه إن كان سيَّالًا؟

فالجواب: أن اعتبار الزمان غير اعتبار حالة التلبس؛ لأن الزمان باعتبار النطق، والتلبس باعتبار الفعل، فصح للسبكيين اعتبار حالة التلبس دون اعتبار الزمان. فقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} -مثلًا- لم يُعتبر فيه زمان، فهو يشمل السارق الآن والسارق فيما مضى والسارق في المستقبل، ولكن تحقيق إطلاق اسم السرقة عليه بالفعل على سبيل الحقيقة إنما هو باعتبار حالة تلبُّسه بها، فظهر الفرق بين الأمرين.

فإن قيل: يلزم على ما ذكرتم أن من كان يسرق ويزني قبل نزول آية السرقة وآية الزنا أنه يُحَدّ.

فالجواب: أنه وقت سرقته أو زناه إن كان كافرا ثم أسلم فالإسلام يَجُبُّ ما قبله، وإن كان مسلمًا فالمانعُ من حَدِّه أن ذلك الفعل في وقته الماضي ليس حرامًا عليه واللَّه تعالى يقول: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة/ ١١٥].

فإن قيل: يلزم على قول السُّبكيين أن من قامت عليه بينة بالسرقة في الزمن الماضي أنه لا يُقْطع، لأنه عندهما لا يسمَّى سارقًا حقيقة إلا