للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومثال تقديم المجاز على الإضمار: قول السيد لعبده الذي هو أكبر منه سنًّا: أنت أبي، فإنه يحتمل المجاز من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، أي أنت عتيق، لأن الأبُوَّة يلزمها العتق شرعًا، واللازمية والملزومية كلتاهما من علاقات المجاز المرسل كما هو مقرر في محله، ويحتمل الإضمار أي أنت مثل أبي في الشفقة والتعظيم، فيكون من التشبيه البليغ. فعلى الأول يُعتق وهو الذي رجَّحَه المؤلف، وعلى الثاني لا يعتق، ورجح بعضهم الثاني.

حُجَّة من رجح المجاز على الإضمار أن المجاز أكثر، قال القرافي (١): "والكثرة تدل على الرجحان". وحجة من رجح الإضمار على المجاز أن قرينة الإضمار متصلة به لما قدمنا من أن قرينة الاقتضاء -الذي هو الإضمار- هي توقُّف الصدق أو الصحة العقلية أو الشرعية عليه، وذلك غاية الاتصال، بخلاف قرينة المجاز فإنها منفصلة خارجة عنه.

وقال بعض العلماء: هما سيَّان لاحتياج كل منهما إلى قرينة، وهو وجيه، لأن قرينة المجاز قد تكون استحالة الحقيقة، والاستحالة لا تقصر عن قرينة الاقتضاء كما هو ظاهر.

ومثال تقديم الإضمار على النقل: قول الحنفي: إن درهم الربا إذا أسقط صح العقد لأن قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة/ ٢٧٥] يحتمل الإضمار أي: آخْذ الربا كما حمله عليه أبو حنيفة، فلو حذف


(١) في "شرح التنقيح": (ص/ ١٢٢).