للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"عقوبته" (١) أي بالحبس. وظاهر هذا الحديث العموم ولو كان الواجد الذي حصل منه اللّيُّ أبًا في دين ابنه، ولكنَّ مفهوم الموافقة في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء/ ٢٣] يدلُّ على تحريم الأذى بالحبس الذي هو أشد من التأْفيف، فيخصَّص عمومُ الحديث بمفهوم الموافقة في هذه الآية، فيمتنع حبس الوالد في دَيْن ولده كما نص عليه مالك (٢).

وأما مفهوم المخالفة فقد اخْتُلف في جواز التخصيص به كما أشار له المؤلف، وحكى الباجي (٣) مَنعْ التخصيص به عن أكثر المالكية، والجمهور على التخصيص كما أشار له المؤلف.

وحجة من قال بالتخصيص به: أن إِعمالَ الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وهو الحجة في التخصيص بمفهوم الموافقة أيضًا.

وحجة من قال بعدم التخصيص بمفهوم المخالفة: أن ما دل عليه العام دل عليه بالمنطوق، والمخالفة مفهوم، والمنطوق مقدّم على المفهوم.

وأجيب عن هذا بأن تقديم المنطوق على المفهوم في غير المنطوق الذي هو بعض أفراد العام. أما المنطوق الذي هو بعض أفراد العام فيقدَّم عليه المفهوم؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما.

ومثال التخصيص بمفهوم المخالفة: تخصيص عموم "في أربعين


(١) ط: يحل -بقوله: مطلني- عقوبته. وما في خ أصح.
(٢) انظر "تهذيب المدونة": (٣/ ٦٢٠).
(٣) ذكره عنه في "النشر": (١/ ٢٥١).