أوسط ما تكسون أهليكم، وهذا كله فيما إذا كان المقيد واحدًا، وأما إن ورد مطلق ومقيدان بقيدين مختلفين فإنه لا يمكن حمله عليهما لتنافي قيديهما، فإن كان أحدهما أقرب إليه من الآخر حُمِل عليه، وإن لم يكن أحدهما أقرب من الآخر بقي على إطلاقه ولم يُقَيَّد بقيدِ واحدٍ منهما لاستحالة الترجيح بلا مرجِّح.
مثال كونه أقرب لأحدهما: صوم كفارة اليمين فإنه لم يقيد بتتابع ولا تفريق، مع أن صوم الظهار مقيَّد بتتابع، وصوم التمتع مُقيد بالتفريق، وكفارة اليمين أقرب إلى الظهار منها إلى التمتع، فتقيد بقيده وجوبًا عند بعضٍ وندبًا عند بعض. وقراءةُ ابنِ مسعود:(ثلاثة أيام متتابعات) لم يثبت بها كون (متتابعات) من القرآن؛ لإجماع الصحابة على عدم كَتْبِها في شيء من المصاحف العثمانية.
ومثال كونه ليس أقرب لأحدهما من الآخر: صوم قضاء رمضان فإن اللَّه قال فيه: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة/ ١٨٥] ولم يُقَيِّده بتفريقٍ ولا تتابع، مع أن صوم الظهار مُقيد بالتتابع، وصوم التمتع مُقيد بالتفريق، وليس صومُ قضاء رمضان أقرب إلى أحدهما من الآخر، فيبقى على إطلاقه من شاء فَرَّقه ومن شاء تابعه.
ويجاب عن المؤلف بأنه أراد بِجُلِّ العقلاء خصوصَ المالكية، فتكون "ألْ" عهدية، لأن التأليف في أصولهم.