للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لنا كالقصاص، لأن اللَّه بيَّن أنه كان شرعًا لمن قبلنا بقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة/ ٤٥] الآية، ونصَّ على أنه شرعٌ لنا أيضًا في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة/ ١٧٨] الآية.

الثانية: ليس شرعًا لنا فيها بلا خلاف، وهي في صورتين؛ إحداهما: ما لم يثبت بشرعنا أصلًا ولو زعموا أنه من شرعهم. والأخرى: ما ثبت بشرعنا أنه كان شرعًا لهم ونُصَّ لنا على أنه ليس شرعًا لنا، كالآصار والأثقال التي شُرِعت على من قبلنا، كإيجابه على بني إسرائيل أن يَقتُلوا أنفسهم توبةً من عبادةِ العِجْلِ المنصوص في قوله: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة/ ٥٤] فإن هذه الآصار رُفعت عنا كما قال تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف/ ١٥٧]. وثبت في "صحيح مسلم" (١) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قرأ: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال اللَّه: قد فعلت".

الثالثة: هي محل الخلاف، وهي ما إذا ثبت بشرعنا أنه كان شرعًا لمن قبلنا ولم ينص في شرعنا على أنه مشروع لنا ولا غير مشروع، والجمهور على أنه شرع لنا خلافًا للشافعي، وحُجَّة الجمهور: أنه ما ذُكِرَ لنا في شرعنا إلَّا للاعتبار كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف/ ١١١]، وثمرة الاعتبار العمل، وقد حضَّ تعالى في آيات كثيرة على الاعتبار بأحوال الأمم الماضية.


(١) رقم (١٢٦) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.