للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان المخبرون مسلمين أو كفارًا أو فاسقين؛ لأن القطع بصدقه من جهة استحالة تواطئهم على الكذب لا عدالتُهم. والعلمُ الذي يفيده التواتر ضروري عند الجمهور لا نظري خلافًا لإمام الحرمين (١) والغزالي (٢)، ومعنى كونه نظريًّا عندهما أنهما يقولان -مثلًا-: هذا الشيء أخْبَرَ به جَمْعٌ يستحيلُ تواطؤهم على الكذب عادةً، وكل ما أخبرَ به جمعٌ كذلك فهو قطعي الصدق، ينتج من الشكل الأول: هذا الشيء قطي الصدق.

وقيل: يشترط الإسلام، وقيل: تشترط العدالة، وكلاهما ضعيف.

وقوله: "واللفظ والمعنى" يعني أنه لا فرق بين التواتر اللفظي والتواتر المعنوي، فالتواتر اللفظي ظاهرٌ، والتواتر المعنوي هو أن تختلف عبارات الألفاظ ويتضَمَّن كلٌّ منها معنى كليًّا يُسْتفاد من جميع الألفاظ المختلفة كما لو أخبر واحد عن حاتم أنه أعطى دنانير، وآخر (٣) أنه أعطى خيلًا، وآخر أنه أعطى إبلًا، وهكذا فقد اتفقوا على معنى كِلِّيٍّ هو الإعطاء.


(١) في "البرهان": (١/ ٣٧٥ - ٣٧٦).
(٢) حكاه عنه الفخر الرازي -كما في "البحر الميحط": (٤/ ٢٤٠) - قال الزركشي: (والذي في "المستصفى": (١/ ١٣٢ - ١٣٣) أنه ضروري، بمعنى أنه لا يحتاج إلى حصوله إلى الشعور بتوسط واسطة مفضية إليه مع أن الواسطة حاضرة في الذهن، وليس ضروريًّا بمعنى أنه حاصل من غير واسطة، كقولنا: القديم لا يكون محدثًا. . . فإنه لابد فيه من حصول مقدمتين في النفس: عدم اجتماع هذا الجمع على الكذب، واتفاقهم على الإخبار عن هذه الواقعة) اهـ. ثم خرّج كلام إمام الحرمين عليه وكذا الكعبي، قال: فلم يبق خلاف.
(٣) الأصل: وأخبر.