للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المتقدم: "وما ينافي نَقْل طيبة مُنِع إذ ذاك قطعيٌّ".

وقوله: "وقيل مطلقًا" يعني أن بعضَ المالكية قال: إن إجماع أهل المدينة حجة ولو كان فيما للاجتهاد فيه مجال.

وجمهور العلماء لا يحتجون بإجماع أهل المدينة، وحجة الجمهور: أنهم بعض الأمة يجوز في حقهم الخطأ.

وحجة مالك أن نقلَهم فيما لا مجال للرأي فيه يدلُّ على أن ذلك بتوقيف من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإذًا فهو نقل متواتر عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما تقدم في قوله: "إذ ذاك قطعيٌّ".

وحجة من قال بأن إجماعهم (١) حجة مطلقًا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المدينة كالكير تنفي خَبثَها كما ينفي الكير خبث الحديد" (٢)، قالوا: والخطأ خُبْثٌ فوجب نفيه عنهم. وهذا الاستدلال ضعيف لأن الحديث لا يدل على أن أهل المدينة لا يخطئون، وما ذكره القرافي (٣) من أن منطوقَ هذا الحديث مقدَّم على مفهوم حديث: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (٤) لا تنهض به حجة أيضًا؛ لأن حديث: "المدينة كالكير" لا دلالة فيه على أن قول أهلها حجة.


(١) الأصل: الإجماع.
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٨٧١)، ومسلم رقم (١٣٨٢) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٣) في "شرح التنقيح": (ص/ ١٣٣٤).
(٤) تقدم تخريجه.