الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْزِمُوا النِّسَاءَ الرِّجَالَ، وَلَا تُغَالُوا فِي الْمُهُورِ» . «وَخَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فَقَالَ: أَلَا لَا تُغَالُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ: كَانَ أَوْلَاكُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَصْدُقَ الْمَرْأَةَ صَدَاقًا يَضُرُّ بِهِ إنْ نَقَدَهُ، وَيَعْجِزُ عَنْ وَفَائِهِ إنْ كَانَ دَيْنًا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي تَزَوَّجْت امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ: عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتهَا؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوْرَاقٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلَى أَرْبَعِ أَوْرَاقٍ فَكَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عَرْضِ هَذَا الْجَبَلِ، مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيك؛ وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَك فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إلَى بَنِي عَبْسٍ فَبَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. " وَالْأُوقِيَّةُ " عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهِيَ مَجْمُوعُ الصَّدَاقِ، لَيْسَ فِيهِ مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ.
وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ «تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعِينُهُ فِي صَدَاقِهَا، فَقَالَ: كَمْ أَصَدَقْت؟ قَالَ: فَقُلْت؛ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ. فَقَالَ: لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَ الدَّرَاهِمَ مِنْ أَوْدِيَتِكُمْ مَا زِدْتُمْ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَإِذَا أَصْدَقَهَا دَيْنًا كَثِيرًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُعْطِيَهَا إيَّاهُ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِصَدَاقٍ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ إلَيْهَا فَهُوَ زَانٍ، وَمَنْ ادَّانَ دَيْنًا يَنْوِي أَنْ لَا يَقْضِيَهُ فَهُوَ سَارِقٌ» .
وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْجَفَاءِ وَالْخُيَلَاءِ وَالرِّيَاءِ مِنْ تَكْثِيرِ الْمَهْرِ لِلرِّيَاءِ وَالْفَخْرِ، وَهُمْ لَا يَقْصِدُونَ أَخْذَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُعْطِيَهُمْ إيَّاهُ: فَهَذَا مُنْكَرٌ قَبِيحٌ، مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، خَارِجٌ عَنْ الشَّرِيعَةِ.
وَإِنْ قَصَدَ الزَّوْجُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ وَهُوَ فِي الْغَالِبِ لَا يُطِيقُهُ فَقَدْ حَمَّلَ نَفْسَهُ، وَشَغَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute