للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاهِدَيْنِ. ثُمَّ أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا صَحَّحُوا النِّكَاحَ مَعَ نَفْيِ الْمَهْرِ.

ثُمَّ صَارُوا طَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةٌ تُصَحِّحُ " نِكَاحَ الشِّغَارِ " لِأَنَّهُ لَا مُفْسِدَ لَهُ إلَّا نَفْيُ الْمَهْرِ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ عِنْدَهُمْ. وَطَائِفَةٌ تُبْطِلُهُ، وَتُعَلِّلُ ذَلِكَ بِعِلَلٍ فَاسِدَةٍ؛ كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مَوَاضِعَ. وَصَحَّحُوا " نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ " الَّذِي يَقْصِدُ التَّحْلِيلَ، فَكَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ لَمْ يَشْتَرِطُوا لَفْظًا مُعَيَّنًا فِي النِّكَاحِ وَلَا إشْهَادَ شَاهِدَيْنِ مَعَ إعْلَانِهِ وَإِظْهَارِهِ، وَأَبْطَلُوا نِكَاحَ الشِّغَارِ، وَكُلَّ نِكَاحٍ نُفِيَ فِيهِ الْمَهْرُ، وَأَبْطَلُوا نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ أَشْبَهَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ.

ثُمَّ إنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ الْحِجَازِيِّ وَالْعِرَاقِيِّ وَسَّعُوا " بَابَ الطَّلَاقِ " فَأَوْقَعُوا طَلَاقَ السَّكْرَانِ، وَالطَّلَاقَ الْمَحْلُوفَ بِهِ، وَأَوْقَعَ هَؤُلَاءِ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ، وَهَؤُلَاءِ الطَّلَاقَ الْمَشْكُوكَ فِيهِ فِيمَا حُلِفَ بِهِ، وَجَعَلُوا الْفُرْقَةَ الْبَائِنَةَ طَلَاقًا مَحْسُوبًا مِنْ الثَّلَاثِ، فَجَعَلُوا الْخُلْعَ طَلَاقًا بَائِنًا مَحْسُوبًا مِنْ الثَّلَاثِ. إلَى أُمُورٍ أُخْرَى وَسَّعُوا بِهَا الطَّلَاقَ الَّذِي يُحَرِّمُ الْحَلَالَ، وَضَيَّقُوا النِّكَاحَ الْحَلَالَ. ثُمَّ لَمَّا وَسَّعُوا الطَّلَاقَ صَارَ هَؤُلَاءِ يُوَسِّعُونَ فِي الِاحْتِيَالِ فِي عَوْدِ الْمَرْأَةِ إلَى زَوْجِهَا، وَهَؤُلَاءِ لَا سَبِيلَ عِنْدَهُمْ إلَى رَدِّهَا؛ فَكَانَ هَؤُلَاءِ فِي آصَارٍ وَأَغْلَالٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي خِدَاعٍ وَاحْتِيَالٍ. وَمَنْ تَأَمَّلَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَآثَارَ الصَّحَابَةِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللَّهَ أَغْنَى عَنْ هَذَا، وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَنِيفَةِ السَّمْحَةِ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، وَأَحَلَّ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

٥٢٩ - ١٣١ - قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: السُّنَّةُ: تَخْفِيفُ الصَّدَاقِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَنَاتِهِ: فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ أَعْظَمَ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً» وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَيْرُهُنَّ أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا» وَعَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>