الثَّلَاثِ؛ فَلِذَا يُوقِعُهَا، وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً. وَمِنْهُمْ مَنْ عُرِفَ قَوْلُهُ فِي الثَّلَاثِ وَلَمْ يُعْرَفْ قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، كَمَنْ يُنْقَلُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَابْنِ عُمَرَ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ. وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى أَشْهَرُ وَأَثْبَتُ: أَنَّهُ يَقَع. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدٍ.
وَأَمَّا جَمْعُ الثَّلَاثِ: فَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ فِيهَا كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ: رُوِيَ الْوُقُوعُ فِيهَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَرُوِيَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَنْ عُمَرَ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَعَنْ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُغِيثٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ " الْمُقْنِعَ فِي أُصُولِ الْوَثَائِقِ. وَبَيَانُ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّقَائِقِ ": وَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ مُطَلِّقٌ كَمْ يَلْزَمُهُ مِنْ الطَّلَاقِ؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " ثَلَاثًا " لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُخْبِرًا عَمَّا مَضَى فَيَقُولُ: طَلَّقْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يُخْبِرُ عَنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ أَتَتْ مِنْهُ فِي ثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ كَانَتْ مِنْهُ، فَذَلِكَ يَصِحُّ.
وَلَوْ طَلَّقَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ: طَلَّقْتهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَكَانَ كَاذِبًا، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ ثَلَاثًا يُرَدِّدُ الْحَلِفَ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاَللَّهِ ثَلَاثًا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ إلَّا يَمِينًا وَاحِدَةً، وَالطَّلَاقُ مِثْلُهُ: قَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَوَيْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْ ابْنِ وَضَّاحٍ يَعْنِي الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ وَضَّاحٍ - الَّذِي يَأْخُذُ عَنْ طَبَقَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَسَحْنُونَ بْنِ سَعِيدٍ وَطَبَقَتِهِمْ قَالَ: وَبِهِ قَالَ مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ ابْنُ زِنْبَاعٍ شَيْخُ هُدًى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْحُسَيْنِيُّ فَقِيهُ عَصْرِهِ، وَابْنُ بَقِيٍّ بْنِ مَخْلَدٍ، وَأَصْبَغُ بْنُ الْحُبَابِ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ قُرْطُبَةَ، وَذُكِرَ هَذَا عَنْ بِضْعَةَ عَشَرَ فَقِيهًا مِنْ فُقَهَاءِ طُلَيْطِلَة الْمُتَعَبِّدِينَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ.
قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَهُ التِّلِمْسَانِيُّ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute