مَقْصُودُ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَى عَنْهُ، وَحَكَمَ بِبُطْلَانِهِ، لِيَزُولَ الْفَسَادُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَفَعَلَهُ النَّاسُ وَاعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ فَيَلْزَمُ الْفَسَادُ.
وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَأَنَّهُ شَرْعِيٌّ، وَأَنَّهُ يُسَمَّى بَيْعًا، وَنِكَاحًا، وَصَوْمًا. كَمَا يَقُولُونَ فِي نَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ، وَلَعْنِهِ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، وَنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَنَهْيِهِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَيُقَالُ: أَمَّا تَصَوُّرُهُ حِسًّا فَلَا رَيْبَ فِيهِ.
وَهَذَا كَنَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ، وَعَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ: لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا وَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» فَتَسْمِيَتُهُ لِهَذَا نِكَاحًا وَبَيْعًا لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا بَاطِلًا؛ بَلْ دَلَّ عَلَى إمْكَانِهِ حِسًّا.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهُ شَرْعِيٌّ: إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُسَمَّى بِمَا أَسْمَاهُ بِهِ الشَّارِعُ؛ فَهَذَا صَحِيحٌ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ أَذِنَ فِيهِ: فَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رَتَّبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute