الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ فِي النَّفَقَةِ جَازَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ عُرْفٌ وَعَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ بَيْنَهُمْ وَأَطْلَقَ الْعَقْدَ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ، وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: لَهُ النَّفَقَةُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا نَفَقَةَ بِحَالٍ، وَلَوْ شَرَطَهَا وَحَيْثُ كَانَتْ لَهُ النَّفَقَةُ فَلَيْسَ لَهُ النَّفَقَةُ إلَّا بِالْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا الْبَسْطُ الْخَارِجُ عَنْ الْمَعْرُوفِ فَيَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ.
٦٤٤ - ٢٥ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً فَسَأَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ مِنْ الْجِهَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ شَيْءٌ؟ فَأَبَى الْوَلِيُّ تَزْوِيجَهَا، فَذَكَرَ الْخَاطِبُ أَنَّ فُقَهَاءَ الْحَنَفِيَّةِ جَوَّزُوا تَنَاوُلَ ذَلِكَ، فَهَلْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَحَدٌ فِي جَوَازِ تَنَاوُلِهِ مِنْ الْجِهَاتِ؟ وَهَلْ لِلْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ دَفْعُ الْخَاطِبِ بِهَذَا السَّبَبِ مَعَ رِضَاءِ الْمَخْطُوبَةِ؟
الْجَوَابُ: أَمَّا الْفُقَهَاءُ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُفْتَى بِقَوْلِهِمْ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ جَوَازَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ فِي أَوَائِلِ الدَّوْلَةِ السَّلْجُوقِيَّةِ أَفْتَى طَائِفَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ إجْمَاع الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودٌ الشَّهِيدُ التُّرْكِيُّ قَدْ أَبْطَلَ جَمِيعَ الْوَظَائِفِ الْمُحْدَثَةِ بِالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ، وَكَانَ أَعْرَفَ النَّاسِ بِالْجِهَادِ، وَهُوَ الَّذِي أَقَامَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ اسْتِيلَاءِ الْإِفْرِنْجِ وَالْقَرَامِطَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ حُكْمَهُ مُتَأَوِّلًا تَأْوِيلًا سَائِغًا، لَا سِيَّمَا مَعَ حَاجَتِهِ لَمْ يُجْعَلْ فَاسِقًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
لَكِنْ بِكُلِّ حَالٍ فَالْوَلِيُّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مُوَلِّيَتَهُ مِمَّنْ يَتَنَاوَلُ مِثْلَ هَذَا الرِّزْقِ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ حَرَامًا سِيَّمَا وَأَنَّ رِزْقَهَا مِنْهُ، فَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ يُطْعِمُهَا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ تَأْكُلُ هِيَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُتَأَوِّلًا فِيمَا يَأْكُلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute