لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» وَالْوَاجِبُ فِي مِثْلِ هَذَا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، حَيْثُ قَالَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: ٩] {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠] فَيَجِبُ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْإِصْلَاحُ لَهُ طُرُقٌ.
" مِنْهَا " أَنْ تُجْمَعَ أَمْوَالُ الزَّكَوَاتِ وَغَيْرِهَا حَتَّى يُدْفَعَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْغُرْمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، يُبِيحُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الزَّكَاةِ بِقَدْرِ مَا غَرِمَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا، كَمَا «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ: إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَيَسْأَلُ حَتَّى يَجِدَ حَمَالَتَهُ، ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ وَسَأَلَ حَتَّى يَجِدَ سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَيَسْأَلُ؛ حَتَّى يَجِدَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، وَسَدَادًا مِنْ عَيْشٍ، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا» .
وَمِنْ طُرُقِ الصُّلْحِ أَنْ تَعْفُوَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا عَنْ بَعْضِ مَالِهَا عِنْدَ الْأُخْرَى مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: ٤٠] وَمِنْ طُرُقِ الصُّلْحِ أَنْ يُحَكَّمَ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ، فَيُنْظَرَ مَا أَتْلَفَتْهُ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ الْأُخْرَى مِنْ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، فَيَتَقَاصَّانِ {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: ١٧٨] وَإِذَا فَضَلَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ. فَإِنْ كَانَ يَجْهَلُ عَدَدَ الْقَتْلَى، أَوْ مِقْدَارَ الْمَالِ: جَعَلَ الْمَجْهُولَ كَالْمَعْدُومِ. وَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute