السُّكْرَ مِنْ الْخَمْرِ، وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ صَحِيحٌ أَيْضًا.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلْيَرْقُدْ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ» . وَفِي لَفْظٍ: «إذَا قَامَ يُصَلِّي فَنَعَسَ فَلْيَرْقُدْ» .
فَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ مَعَ النُّعَاسِ الَّذِي يَغْلَطُ مَعَهُ النَّاعِسُ، وَقَدْ احْتَجَّ الْعُلَمَاءُ بِهَذَا عَلَى أَنَّ النُّعَاسَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، إذْ لَوْ نَقَضَ بِذَلِكَ لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ، أَوْ لَوَجَبَ الْخُرُوجُ مِنْهَا لِتَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ» ، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ لِمَنْ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ النُّعَاسِ وَطَرْدِ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ وَلَا بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ شَغْلِ الْقَلْبِ.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَبْدَأَ بِحَاجَتِهِ فَيَقْضِيَهَا، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ، فَإِذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ مُحَرَّمَةً مَعَ مَا يُزِيلُ الْعَقْلَ وَلَوْ كَانَ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ، كَانَتْ صَلَاةُ الْمَجْنُونِ وَمَنْ يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْمَجْنُونِ وَإِنْ سُمِّيَ مُولِهًا أَوْ مُتَوَلِّهًا أَوْ وَلِيًّا أَنْ لَا تَجُوزَ صَلَاتُهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: «قُلْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قُلْت: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ. قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ اسْتَزَدْته لَزَادَنِي» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute