للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ، فَيَدْخُلُ وَهُمْ يَرَوْنَهُ. وَيَجِيءُ بِاللَّيْلِ إلَى بَابِ الصَّغِيرِ فَيَعْبُرُ مِنْهُ هُوَ وَرُفْقَتُهُ، وَهُوَ مِنْ أَفْجَرِ النَّاسِ.

وَآخَرُ كَانَ بِالشُّوَيْكِ، فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: " الشَّاهِدَةُ " يَطِيرُ فِي الْهَوَى إلَى رَأْسِ الْجَبَلِ وَالنَّاسُ يَرَوْنَهُ، وَكَانَ شَيْطَانٌ يَحْمِلُهُ، كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ. وَأَكْثَرُهُمْ شُيُوخُ الشَّرِّ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ " البوي " أَيْ الْمُخْبَثُ، يَنْصِبُونَ لَهُ حَرَكَاتٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَيَصْنَعُونَ خُبْزًا عَلَى سَبِيلِ الْقُرُبَاتِ، فَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ، وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ مَنْ يَذْكُرُ اللَّهَ، وَلَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ؛ ثُمَّ يَصْعَدُ ذَلِكَ البوي فِي الْهَوَى، وَهُمْ يَرَوْنَهُ، وَيَسْمَعُونَ خِطَابَهُ لِلشَّيْطَانِ، وَخِطَابَ الشَّيْطَانِ لَهُ، وَمَنْ ضَحِكَ أَوْ شَرِقَ بِالْخُبْزِ ضَرَبَهُ بِالدُّفِّ. وَلَا يَرَوْنَ مَنْ يَضْرِبُ بِهِ. ثُمَّ إنَّ الشَّيْطَانَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ مَا يَسْأَلُونَهُ عَنْهُ، وَيَأْمُرُهُمْ بِأَنْ يُقَرِّبُوا لَهُ بَقَرًا وَخَيْلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ وَأَنْ يَخْنُقُوهَا خَنْقًا وَلَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا، فَإِذَا فَعَلُوا قَضَى حَاجَتَهُمْ.

وَشَيْخٌ آخَرُ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ يَزْنِي بِالنِّسَاءِ، وَيَلُوطُ بِالصِّبْيَانِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ " الْحِوَارَاتُ " وَكَانَ يَقُولُ: يَأْتِينِي كَلْبٌ أَسْوَدُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُكْتَتَانِ بَيْضَاوَانِ، فَيَقُولُ لِي: فُلَانٌ، إنَّ فُلَانًا نَذَرَ لَك نَذْرًا، وَغَدًا يَأْتِيك بِهِ، وَأَنَا قَضَيْت حَاجَتَهُ لِأَجْلِك، فَيُصْبِحُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَأْتِيهِ بِذَلِكَ النَّذْرِ؛ وَيُكَاشِفُهُ هَذَا الشَّيْخُ الْكَافِرُ. قَالَ: وَكُنْت إذَا طَلَبَ مِنِّي تَغْيِيرَ مِثْلِ اللَّاذَنِ أَقُولُ حَتَّى أَغِيبَ عَنْ عَقْلِي؛ وَإِذْ بِاللَّاذَنِ فِي يَدَيَّ، أَوْ فِي فَمِي وَأَنَا لَا أَدْرِي مَنْ وَضَعَهُ،، قَالَ: وَكُنْت أَمْشِي وَبَيْنَ يَدَيَّ عَمُودٌ أَسْوَدُ عَلَيْهِ نُورٌ. فَلَمَّا تَابَ هَذَا الشَّيْخُ، وَصَارَ يُصَلِّي، وَيَصُومُ وَيَجْتَنِبُ الْمَحَارِمَ، ذَهَبَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَذَهَبَ التَّغْيِيرُ؛ فَلَا يُؤْتَى بِلَاذَنٍ وَلَا غَيْرِهِ.

وَشَيْخٌ آخَرُ كَانَ لَهُ شَيَاطِينُ يُرْسِلُهُمْ يَصْرَعُونَ بَعْضَ النَّاسِ، فَيَأْتِي أَهْلُ ذَلِكَ الْمَصْرُوعِ إلَى الشَّيْخِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ إبْرَاءَهُ، فَيُرْسِلُ إلَى أَتْبَاعِهِ فَيُفَارِقُونَ ذَلِكَ الْمَصْرُوعَ، وَيُعْطُونَ ذَلِكَ الشَّيْخَ دَرَاهِمَ كَثِيرَةً. وَكَانَ أَحْيَانًا تَأْتِيهِ الْجِنُّ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ تَسْرِقُهُ مِنْ النَّاسِ، حَتَّى إنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَانَ لَهُ تِينٌ فِي كِوَارَةٍ، فَيَطْلُبُ الشَّيْخُ مِنْ شَيَاطِينِهِ تِينًا، فَيُحْضِرُونَهُ لَهُ، فَطَلَبَ أَصْحَابُ الْكِوَارَةِ التِّينَ فَوَجَدُوهُ قَدْ ذَهَبَ.

وَآخَرُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ، فَجَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ أَغْرَتْهُ، وَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>